ولد سنة 1318 هـ / 1900 م في قرية (حليس)، من عزلة (الأحكوم)، من بلاد (الحجرية)، في محافظة تعز، وتوفي في مدينة عدن عام 1954 م .
نشأ في حي (الشيخ عثمان) بعدن، ودرس على بعض علمائها، ثم التحق جنديًّا في الجيش العربي في عدن، ورقي إلى رتبة ضابط، ثم ترك الخدمة العسكرية، وعمل ملاحًا بإحدى البواخر، وتنقل إلى عدد من البلدان؛ منها: الجزائر، التي استقر فيها مدة ثم رحل إلى بريطانيا؛ مرشدًا، وداعية إسلاميًّا، واتخذ من مدينة (كارديف)، مقرًّا لإقامته، وأنشأ هناك (الجمعية العلوية)، لتدريس أبناء المغتربين، ومارس أنشطة دعوية، وأسلم على يديه عدد من الإنجليز، كما أسسس (المركز الإسلامي الأعلى) لمسلمي كارديف، وملحقاتها.
رجع إلى مدينة عدن، عام 1359هـ/1940م، وحاول ولي العهد (أحمد بن يحيى حميد الدين)، أن يستميله لصالحه، بعدما سمع عنه وعن نشاطه السياسي، والديني، وأرسل إليه سرًّا الأستاذ (أحمد محمد نعمان) ـ مدير معارف تعز حينها ـ فرفض عرض ولي العهد، وفضل العودة إلى بريطانيا، وظل على علاقة وثيقة برجال الحركة الوطنية، الذين فروا إلى عدن؛ كالأستاذ (أحمد محمد نعمان)، والأستاذ (محمد محمود الزبيري)، والشاعر (زيد بن علي الموشكي)، والأستاذ (أحمد محمد الشامي)، وغيرهم.
وبعد فشل ثورة الدستور، عام1367هـ/ 1948م، لمع اسمه وصوته، مدافعًا عنها، وأصدر في سبيل ذلك جريدته المسماة: (جريدة السلام)، داعيًا إلى العدل، والحرية، والمساواة، وحفلت أعداد جريدته بمواضيع، وبحوث متميزة عن القضية اليمنية.
وبعد أن أصدر مائة وسبعة أعداد من هذه الجريدة ؛ قرر العودة إلى عدن، ليواصل الجهاد عن قرب، وكانت أفكاره وطنية، إصلاحية، تدعو إلى العلم، والوحدة، واتباع تعاليم الإسلام، وانتهاج القدوة الحسنة؛ .
من مؤلفاته: 1-الأسئلة والأجوبة بين المسيحية والإسلام. 2-دين الله واحد. 3-دعوة الأحرار.
وكان قد عاد إلى اليمن من المهجر لآخر مرة في يناير 1953م بعد ثورة 23 يوليو 1952م في مصر، وكانت عودته بطلب من الأحرار ليباشر بنفسه قيادة العمل الوطني في اليمن، فاختير ليكون رئيساً للاتحاد اليمني في 25/10/1953م.. ولنشاطه السياسي المعارض لسلطة الإمامة في شمال الوطن، تحالف ضده نظام سلطة الاحتلال في جنوب اليمن ونظام الإمامة في شماله، فاعتقل في عدن بتهمة ملفقة لمدة ثلاثة أشهر ونيف، ثم أطلق سراحه، ولكنه مات شهيداً في 4 أغسطس عام 1954م، بعد أن كان قد ترك ثلاثة كتب قيمة هي (دين الله واحد، دعوة الأحرار، الأسئلة والأجوبة بين المسيحية والإسلام).. (أنظر الغلاف الخلفي لكتابه دعوة الأحرار). 3- منهج الحكيمي في الدعوة إلى الله : كان الشيخ الحكيمي قد وجد نفسه يعمل في بيئة غير إسلامية، وهي بريطانيا، فاضطرته ظروف الحياة ليعيش في وسط مسيحي، مع وجود عدد قليل من المسلمين الوافدين إلى تلك الديار، فكان عليه واجب الدعوة إلى الله في اتجاهين: - الاتجاه الأول : توجيه إخوانه المسلمين للتمسك بدينهم، وإرشادهم لما ينبغي عمله للحفاظ على عقيدتهم، وكيفية التعاطي مع الشعائر الإسلامية، وممارسة العبادات في مجتمع مسيحي. - الاتجاه الثاني : بذل المحاولات للتعريف بالإسلام في المجتمع البريطاني ذي الغالبية المسيحية، وعمل المستطاع لإقناع بعض المسيحيين باعتناق الإسلام. ففي الاتجاه الأول قام الشيخ الحكيمي بنشاط تثقيفي واسع في أوساط المهاجرين اليمنيين وغيرهم من أبناء الجاليات الإسلامية، وبذل ما في وسعه لتقوية الإيمان في نفوسهم انطلاقاً من أن "الإيمان هو السياج الذي يحفظ للمجتمع أمنه وسلامته، ويوفر للفرد طمأنينته وسعادته، والناس بدون إيمان يصبحون كوحوش في غابة الحياة، تسيطر عليهم الأنانية، ويحكمهم حب الذات، وتوجههم المطامع، ومن ثم يفقدون الأمن والطمأنينة وهدوء القلب، وسعادة النفس، وراحة البال" (عفيفي، 1985م، ص37). وبذل الحكيمي ما في وسعه لإقناع مسلمي بريطانيا أن المسلم الحق، هو المؤمن حقاً، الذي يحقق السلم على نفسه، وعلى إخوانه، وعلى مجتمعه الذي يعيش فيه، أما غير المؤمن فهو حرب على نفسه، يدمرها بما يكنه فيها من حقد وحسد وعداوة وبغضاء، ويتسلط عليها بما يقضي عليها كتناول الخمر والمخدرات، استجابة لشهواته التي لا تنتهي، ونزواته التي لا تقف عند حد.. وهو حرب كذلك على إخوانه بما يضمر لهم من سوء وأذى، وما يدبره من مكر وخديعة، وأنه كذلك حرب على مجتمعه، بما ينشره في ربوعه من فساد، وما يبثه من رذيلة، وما يكنه لأفراده من حقد وحسد وعداوة وبغضاء. وحاول الحكيمي تحذير مسلمي أوروبا من مغبة ضعف الإيمان في مجتمع غير إسلامي، فالذي خرب داخله من معاني الإيمان، يكون شخصاً أنانياً لا يرى إلا ذاته ولا يحب إلا نفسه، ومثله لا يستطيع أن يعيش في مجتمع غريب عنه، فهو بأنانيته سيكون حرباً على غيره، لأنه يريد هدم الكل ليبني على أنقاضهم مجد نفسه، ويريد القضاء على الجميع ليصعد على أشلائهم إلى القمة، أما الذي يعمر الإيمان قلبه، ويضيء جوانب نفسه، فإنه ينأى بنفسه عن الأنانية وحب الذات، امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".. (رواه الشيخان عن أنس). وبذل الحكيمي ما في وسعه لإقناع المهاجرين اليمنيين وغيرهم من أفراد الجالية الإسلامية في بريطانيا بأهمية التمسك بدينهم وضرورة الحفاظ على تماسكهم ووحدتهم، وإلا فإنهم سيذوبون في المجتمع البريطاني، وسرعان ما يفقدون هويتهم. ولكي يكون نشاط الحكيمي في إطار مؤسسي قام بتأسيس (الجمعية الإسلامية العلوية الصوفية الشاذلية) في عام 1936م لتحقيق جملة من الأهداف منها: (طاهر،2005، ص141) - تحفيظ القرآن الكريم لأبناء المسلمين، وتعليمهم العلوم الإسلامية واللغة العربية. - رفع مستوى الحياة الاجتماعية والثقافية لأبناء المسلمين في بريطانيا. - تأسيس مسجد للمسلمين لتأدية الصلوات المفروضة، وإقامة الاحتفالات الدينية، لتكون كمجمع علمي إسلامي. - تأسيس مكتبة عربية للمطالعة تحتوي على المؤلفات الإسلامية. - تعليم البنات المسلمات في مدارس خاصة ورعايتهن رعاية خاصة. - توثيق الروابط الثقافية والاجتماعية والتعارف بين المسلمين وغيرهم. - الاهتمام بإرسال البعثات من أبناء المسلمين للدراسة في الأزهر الشريف والجامعة المصرية، لاستكمال دراستهم والعودة إلى بلادهم لتثقيف غيرهم من أبناء المسلمين. ولم تكن مهمة الحكيمي سهلة ولا ميسورة في نشر الدعوة، إذ واجهته جملة من الصعوبات والمعوقات، منها أنه ينشر دعوته في بيئة غير إسلامية وفي مجتمع غالبيتهم من المسيحيين، وبين مسلمين يجهلون حقيقة دينهم، في مرحلة كان العداء للدين الإسلامي على أشده، في وسط جاليات إسلامية مفككة، وضعيفة، وغير قادرة على الدفاع عن دينها، أو ممارسة شعائرها الدينية، وساءه أن يرى مبادئ الدين الإسلامي وتعاليمه قد انطمست لدى كثير من المسلمين المهاجرين إلى أوروبا، وانغماس بعضهم في المجتمع الأوروبي والتخلي عن هويتهم الإسلامية، وسعي الكثير منهم وراء كسب لقمة العيش، بصرف النظر عما إذا كان مصدر الكسب حلالاً أم حراماً. ولكن الحكيمي بما يمتلك من قدرة على التأثير، وما لديه من نشاط وحيوية استطاع تنظيم الجاليات العربية الإسلامية في بريطانيا وبعض المدن الأوروبية، فكان ينتقل من مدينة إلى أخرى يلتقي أبناء الجاليات العربية الإسلامية فيها، ويسعى لتأسيس فروع للجمعية الإسلامية العلوية في الأماكن التي يكثر فيها تواجد المسلمين، وكان قد نجح بعدها في تحقيق ما يلي: (المنصوب، 2001، ص157). - توحيد كلمة المسلمين وإعطاؤهم قوة واعتباراً. - إجراء عقود الزواج الشرعي للمسلمين. - إجراء الختان لأبناء المسلمين وتسمية أولادهم بأسماء إسلامية، وتنشئتهم تنشئة إسلامية. - إيجاد مقابر خاصة بالمسلمين، وتجهيز موتاهم ودفنهم على الطريقة الإسلامية. - إبطال عادة مخالفة الأيدي بين المسلمين بالمحاكم عند حلف اليمين. - إقامة الشعائر الدينية في الأعياد وغيرها. - إيجاد مجازر للذباحة وفقاً للشريعة الإسلامية. - شراء ثلاثة بيوت، وبناء مسجد (نور الإسلام) في كارديف. - الاتصال بالأزهر الشريف بهدف ابتعاث عدد من الطلبة من أولاد المسلمين لتدريسهم وإعدادهم كدعاة، وتنفيذ أول بعثة. - اعتناق أكثر زوجات المسلمين الإنجليزيات الديانة الإسلامية، وكذا بناتهم وأولادهم. أما الاتجاه الثاني، فإن الحكيمي قد نحا فيه منحىً متميزاً في التعريف بالإسلام، وقدمه للأوروبيين أحسن تقديم، وقام بواجب الدعوة الإٍسلامية في الأوساط المسيحية في بريطانيا، وأسلم على يديه كثيرون، عن طريق الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة والجدل الفكري، وإقامة الحجة والدليل، وعدم كراهية الآخر، مهما اختلف معه في الدين والمذهب..(سعيد، 2001، ص109). 4- منهج الحوار عند الحكيمي: كان الحكيمي قد أرسى قاعدة ثابتة للحوار مع المسيحيين وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى، أساسها أن دين الله واحد، وأن الديانات السماوية مهما اختلفت فإنها تقر أن الدين عند الله الإسلام، وأن الله لم يطلب من الناس أكثر من الاستسلام له بظاهر القول والعمل وصدق الاعتقاد بأن الله واحد. وحاول الحكيمي أن يجمع ما استطاع من الأدلة العقلية والنقلية ليؤكد بها على أن دين الله واحد.. كقوله إن (العقل والمنطق لا يقران القول بتعدد الأديان إذ لو تعددت الأديان لتعددت الآلهة) وقوله: (إنه ليس لأحد دين يخالف به دين الآخر ولو أن الله أعطى لكل نبي ديناً يخالف دين الآخر لكان بذلك قد فتح لهم باب الفتنة، ورضي بالتنازع والتفرقة بين العباد وأنه لا سبيل إلا أن تشب المعاصي للعباد، إذا كان الله باذر الشقاق والنزاع)(نفسه، ص9). وكان الحكيمي قد هيأ نفسه لمحاورة القساوسة المسيحيين، فاستلزم ذلك دراسته للغة الإنجليزية وإتقانها، ودراسة المنطق والفلسفة لإجادة أساليب الحوار وطرائق الإقناع، ودراسة الكتب المقدسة لدى المسيحيين، والتضلع بعلوم الدين الإسلامي حتى يستطيع محاورة القساوسة المسيحيين، والرد على افتراءاتهم حول الإسلام أو سوء فهمهم له، وتصعيد مزاعمهم المغرضة لتشويه الإسلام وإبراز مزايا الإسلام وخصائصه في مواجهة خصومه. ولقد كان الشيخ الحكيمي جريئاً حين قرر أن يطرق أبواب الكنائس الأوروبية ويحاور القساوسة في مقر كنائسهم أو يدعوهم إلى مسجده في كارديف.. وكانت تلك الحوارات تنشر في الدوريات الكنسية وهي التي ساعدت على اعتناق عدد من الإنجليز دين الإسلام. وكان الشيخ الحكيمي قد تعرّف على موقف القساوسة من الإسلام، ثم حاورهم في الأسئلة الهامة التي وجهت إليه من قبل بعض القساوسة والرهبان المسيحيين في بريطانيا، والتي نشرها في صحيفة (السلام) التي كان يصدرها ببلدة (كارديف) ببريطانيا، وذلك في العدد رقم 15 الصادر في 17 جمادي الأولى 1368هـ الموافق 17 مارس 1949م ولم يتمكن وقتها من نشر أجوبته عن تلك الأسئلة، ولكنه قام فيما بعد بنشر الأسئلة والأجوبة في كتاب مستقل أسماه: (الأسئلة والأجوبة بين المسيحية والإسلام) صدرت الطبعة الأولى منه في عدن عام 1955ـ عن مطبعة السلام التي كان يمتلكها.. كما قام بتأليف كتاب آخر أسماه (دين الله واحد) صدرت الطبعة الأولى منه في كارديف عام 1952م، عن مطبعة السلام التي يطبع فيها صحيفته (السلام). وكان الشيخ الحكيمي قد نجح في إقناع بعض المسيحيين الإنجليز، للدخول في الإسلام عن طريق الحوار الموضوعي، والجدل الفكري المنطقي، بإقامة الحجة والدليل، وعدم الترفع عن الآخر، فأرسى بذلك قاعدة علمية للحوار تقوم على الأسس الآتية: (العجمي، 1423، ص32): 1- التخلص من جذور العداء والدخول إلى الحوار بروح جديدة تتجاوز ما كان من لغة التعصب واتهام كل ثقافة للأخرى. 2- تغليب الجانب الإنساني وتحويله إلى واقع بدلاً من أن يظل كلاماً فقط، كما في مسألة حقوق الإنسان والسلام العالمي ونحوه. 3- عدم الاعتداء على الخصوصيات الثقافية، بل العمل على احترامها لأنه من غير المعقول أن يكون للعالم كله ثقافة واحدة مع اختلاف عقائده ومذاهبه الفكرية والسياسية. 4- التخلص من عقدة الاستعلاء لدى الغرب، وعقدة الاتهام لكل ما هو غربي من المسلمين، بل يكون الحوار على مستوى الندية واحترام الرأي الآخر، حتى ولو كان مخالفاً. 5- الإيمان بأن حوار الثقافات لا صدام الثقافات هو أقرب الطرق إلى تجنيب العالم ويلات الحروب وأخطار أسلحة الدمار، وخاصة أن الحرب الحديثة قد تؤذي مشعلها قبل غيره. 6- الإقرار بمبدأ التدافع ومبدأ الحرص على المصالح، وأن المسلمين لا مانع لديهم أن يتعاملوا مع الغرب على أساس المصالح المشتركة من خلال نظام عالمي عادل، تتنافس فيه الشعوب والأمم فكرياً وسياسياً واقتصادياً، ضمن قواعد محددة تكفل الحقوق وتمنع الظلم. 7- تجنب العبارات والتصريحات المثيرة للضغائن، كقول المسلمين اليوم مثلاً: إن الإسلام هو البديل للحضارة الغربية، وكقول الغرب: الإسلام هو العدو الباقي بعد سقوط الشيوعية، لأن هذه التصريحات لا تفهم إلا على أنها تحد، وإعلان حرب بشكل أو بآخر. 8- الالتزام بالنقد الموضوعي للذات من قبل كل ثقافة لأن هذا سيفتح الباب أمام المشترك الصواب بدلاً من الجدال حول الخطأ الشائع. 9- على المسلمين المقيمين في الغرب والنصارى المقيمين في الشرق أن يدركوا معاً أن الأرض التي يحيا عليها كل منهم تلزم ساكنها ببعض الضوابط والانتماء حتى لا يفسد أهل الأرض فيها، لأن هذا قاتل للاستقرار، فضلاً عن مجافاته. وقد عبر الشيخ الحكيمي عن هذه الأسس في إهدائه كتابه (دين الله واحد) حيث قال: "أقدم كتابي هذا هدية إلى إخواني الأعزاء من بني الأسرة الإنسانية على اختلاف طبقاتهم ومذاهبهم"(الحكيمي، (1) 1952، ص3). وتولى الشيخ الحكيمي تقديم إيضاحات كاملة عن بعض الموضوعات الحيوية التي هي مثار خلاف بين الإسلام والمسيحية، كان قد نشرها في صحيفة (السلام) إضافة إلى الكتابين اللذين خصصهما لهذا الغرض، وهما: دين الله واحد، وبالأسئلة والأجوبة بين المسيحية والإسلام. ومن بين الموضوعات التي قام بمناقشتها في الكتابين ما يلي: 1- التأكيد على واحدية الدين: كان الحكيمي قد أسس حواره الفكري مع رجال الدين المسيحي على الإيمان الراسخ بأن دين الله واحد، وفي ذلك يقول: "منذ خلق الله خلقه، وأنزل عليهم كتبه، وأرسل إليهم رسله، لن يكون له في ذلك كله إلا دين واحد وهو الإسلام الذي جاء به الأنبياء، ودعت الأمم إليه مبشرة بأنه دين السلام والأمان الذي يضمن للناس جميع حقوقهم ومصالح حياتهم، ويمنحهم حرية لا رق فيها ولا ظلم ولا جور، وقيماً سامية عليا، ولا يمكن الخضوع فيها إلا لله وحده، لا لأحد سواه، ولما كان الإسلام دين الأولين والآخرين، فلن تختلف إلا صوره ومظاهره، أما أصله –روحه وحقيقته- فواحد لا ثاني له"..(الحكيمي(1)، 1952م، ص4). 2- إنكار عقيدة المسيحيين في المسيح: أنكر الشيخ الحكيمي على المسيحيين قولهم أن المسيح ابن الله فقال: "وقولكم أن المسيح ابن الله فهذا قول إفك وزور وافتراء منبوذ مردود، لأن الله فرد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤاً أحد، وليس هو جسم ولا عرض، وإذا قلتم أنها نسبة مجازية، ولا أعتقد أنكم تقولون ذلك، فأقول إن نسبة المجاز تطلق على الناس كلهم أنهم عيال الله، ونحن من أولئك العيال، وليس المسيح إلا فرداً واحداً منا في هذا الانتساب بالنبوَّة، وأنتم تتلون كتبكم وتدرسونها وتجدون فيها قول المسيح الذي قال لحوارييه وأتباعه إني ذاهب إلى أبي وأبيكم، ومعنى أبي وأبيكم يريد به العموم لا نفسه وحده، واسمحوا لي أن أذكر كم بما جاء في كتاب العهد الجديد من إنجيلكم، وهو طبعاً كتابكم الذي تدرسونه وتؤمنون به- جاء في الإصحاح الخامس من إنجيل متى "طوبى لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يدعون".. وجاء في الإصحاح نفسه: "وأما أنت فمتى صمت فادهن رأسك واغسل وجهك، لكي لا تظهر للناس صائماً، بل لأبيك الذي في الخفاء، فأبوك الذي في الخفاء يجازيك"، وتتعاقب الشواهد إلى أن يقول: وجاء في (إنجيل يوحنا) الإصحاح العشرون، قال المسيح لمريم: "لا تسلميني لأني لم أصعد بعد إلى أبي، ولكن اذهبي إلى إخواني وقولي لهم: إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم".. وهكذا تتعاقب الشواهد المقتبسة من الإنجيل ليؤكد فيها الحكيمي أن لا فرق بين المسيح وغيره في هذه المسألة.. ثم يوجه حديثه إلى المسيحيين قائلاً: "إذن ما هو الفرق بين المسيح وغيره، وهو كما ترونه يقول: "أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم".. وهل تجدون في قوله هذا الواضح الصريح ما تحتكرونه له دون غيره، أو تنكرونه عليه؟(الحكيمي (2) 2000، ص19. 3- إثبات صدق رسالة النبي محمد : حاول الشيخ الحكيمي أن يثبت للمسيحيين عن طريق الحوار، أن محمداً نبي الله ورسوله، فقال: "وقد دلت الدلائل الواضحة على نبوة محمد، ونطقت بذلك الآيات الصريحة في القرآن وغير القرآن من الكتب السماوية القديمة، وذكر اسمه في التوراة بـ(البارقليط) و(مسيا) وجاء اسمه صريحاً في إنجيل (برنابا) وأخذ الله له البيعة من جميع الأنبياء والمرسلين".. (الحكيمي(2)، 2000، ص25). وفي كتابه الأسئلة والأجوبة بين المسيحية والإسلام، قام الشيخ الحكيمي بتقديم إيضاحات كاملة لعدد من الأسئلة الهامة التي وجهت إليه من قبل بعض القساوسة المسيحيين، وقد رد عليها بموضوعية، وحكمة متناهية، وهذه الأسئلة هي: 1. ماذا تعتقدون في المسيح؟ 2. هل تعتقدون أن المسيح ابن الله المخلِّص للبشرية؟ 3. هل تعتقدون أن المسيح هو روح القدس؟ 4. هل أخبر القرآن بشيءٍ عن المسيح؟ 5. هل تعتقدون المسيح سيعود إلى الأرض؟ 6. لماذا لا تعتقدون بأن المسيح ابن الله؟ 7. ما معنى الإسلام؟ 8. هل محمد نبي أم ماذا هو؟ 9. هل سيبعث نبي بعد محمد وكتاب آخر بعد القرآن؟ 10. ألم تقل أنكم تؤمنون بنزول المسيح إلى الأرض في آخر الزمان، وهذا بعد محمد طبعاً، وتقول أنه لا نبي بعد محمد، أليس هذا تناقضاً؟ 11. لم لا تتمسكون بدين المسيح وهو الذي سيرجع إلى الأرض بعد محمد؟ 12. في أي أرض هبط آدم؟ 13. هل آدم نبي أم غير نبي، وماذا هو إذن إذا لم يكن نبياً؟ 14. كم عدد الأنبياء؟ 15. ما هو الفرق بين الأنبياء والرسل؟ 16. هل القرآن كلام الله أم كلام محمد؟ ومن كان يكتبه؟ 17. كيف استطاع محمد أن يفهم القرآن؟ 18. هل تعتقدون بالبعث؟ 19. ما قولكم في الحساب والعقاب؟ 20. لماذا كان الأنبياء كلهم في الشرق؟ 21. لماذا كانت الديانة المسيحية في الغرب أكثر منها في الشرق؟ 22. ما قولكم في الحروب الصليبية؟ 23. ما هو اليوم المقدس عندكم في الأسبوع؟ 24. ما حكمة الصيام وما فائدته؟ 25. هل لكم رياضات تنفردون وتنقطعون بها إلى الله في الصوامع والكهوف والجبال؟ 26. هل يتزوج رؤساء الدين عندكم أم لا يتزوجون؟ 27. كيف تعقدون النكاح في دينكم؟ 28. هل يقع الطلاق عندكم ولأي سبب يقع؟ 29. كيف تسمون الأولاد عندكم؟ 30. هل العقود وتسمية الأولاد يقعان في المساجد أم في غيرها؟ 31. بماذا تعرفون أن محمداً خاتم الأنبياء وأنه لا نبي بعده؟ 32. هل رئاسة الدين منحصرة في أسرة واحدة أم ماذا؟ 33. من الرئيس الأعلى عندكم للدين، وأين يكون مستقره؟ 34. ما هي طريقة القضاء في الإسلام لمن يريد أن يكون قاضياً؟ 35. هل مسألة القضاء تكون بموافقة رئيس الدين للمجلس الأعلى أم ماذا؟ 36. كم سنين تستلزم على مريد القضاء أن يقضيها في الدراسة حتى يكون قاضياً؟ 37. ما هي العلوم التي يجب أن يعرفها القاضي؟ 38. ما هي البلاد المقدسة للمسلمين؟ 39. إلى كم فرق يفترق المسلمون؟ 40. كم هي الكتب السماوية، وعلى من أنزلت، وكم يوجد منها إلى الآن؟ 41. هل لهذه الكتب صلة بالقرآن؟ 42. هل تصدقون بنزول المسيح إلى الأرض وفي أية جهة سيكون نزوله؟ 43. ماذا ترون في عقول الغرب وما الفرق بينهم وبين رجال الشرق؟ ويشير الشيخ الحكيمي إلى أنه تلقى هذه الأسئلة من قبل رجال ونساء الدين المسيحي في بلدة بناث ويلز الجنوبية في بريطانيا، عشية الخميس 3 جمادي الأول 1367هـ 3مارس 1949م، في اجتماع واحد، وكانت توجه إليه أسئلة من هذا النوع، إلا أنها كانت متقطعة، وفي عدة اجتماعات مختلفة، وقد نشر ذكر هذا الاجتماع في الجريدة الإنجليزية التابعة لكنيسة البروتستانت واسمها (بنات تيمس).. (الحكيمي(2)، 2000، ص112). وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الأسئلة لا تزال مهمة بالنسبة لأي حوار إسلامي مسيحي، ولئن كان الشيخ الحكيمي قد أعطى إجابات شافية لكل سؤال من هذه الأسئلة، يمكن أن تكون مدماكاً يبنى عليه في الوقت الراهن ما يسمى بحوار الحضارات، ويمكن أن يصير كل سؤال منها محوراً أساسياً من محاور الحوار القائم بين الشرق والغرب، على أن تتولى مناقشتها مؤسسات علمية، حتى لا يقتصر ذلك على الأفراد. ولا شك أن هذه الأسئلة تكتسب أهميتها من كونها تعكس صورة ما ينبغي أن يعرفه الغرب عن الإسلام، والتي يجب على الدعاة والمؤسسات العلمية في العالم الإسلامي أن يتخذوا منها مدخلاً للحوار مع المفكرين والمثقفين الغربيين، حتى يفهموا الإسلام على حقيقته، وتزول عن أذهانهم الصورة المشوهة عن الإسلام، وتنمحي من عقلياتهم التصورات الخاطئة التي جعلتهم يفترون على الإسلام، ويتهمونه بالإرهاب، وهو منها براء، إذ لو كان هناك أدنى شبهة بصلة الإسلام بالإرهاب لكان علماء الدين المسيحي الذين حاوروا الشيخ الحكيمي قد سألوه عن ذلك ضمن الأسئلة الكثيرة التي وجهوها له، خاصة وأن العالم كله كان وقتها قد عانى كثيراً من إرهاب الدول العظمى التي أشعلت نيران الحرب العالمية الثانية، وشهد بأم عينيه ما سببته أسلحة الدمار الشامل من خراب في (هيروشيما) و(نجزاكي).. أما كان يجدر بهم أن يسألوا شيخنا الجليل هذا السؤال: ما موقف الإسلام من الإرهاب؟ فلو سألوه لوجدوا إجابة كافية تدينهم وتبرئ الإسلام من هذه التهمة الزائفة.
المصدر: منتديات اليمن أغلى YEMEN FORUMS
|
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق