الاثنين، 28 أبريل 2014

الصحفي البارز عبدالحبيب سالم مقبل القدسي

 
عبد الحبيب سالم مقبل القدسي من مواليد قرية الزبيرة (قدس) الحجرية بمحافظة تعز عام 1961م. بدأ دراسته الأولية في القرية ثم انتقل إلى الحديدة ليدرس الإعدادية وأكمل الثانوية في صنعاء. كان ضمن أول دفعة تجنيد عام 1979

"خدمة الدفاع الوطني". توظف وهو طالب ثانوي كإداري في مؤسسة سبأ للصحافة والأنباء بصنعاء. حاصل على ليسانس شريعة وقانون من جامعة صنعاء. انتقل للعمل بفرع المؤسسة بتعز، والتحق بقسم الأخبار وقسم التصحيح بصحيفة "الجمهورية". من أول الثمانينيات بدأ الكتابة والعمل كمحرر صحفي بـ "الجمهورية" . عين رئيساً لقسم التحقيقات الصحفية بصحيفة "الجمهورية" وهي مرحلة الظهور الصحفي له ولزملائه في القسم "عبد الله سعيد، عز الدين سعيد" وغيرهم، وبدأ يعرف عبد الحبيب ككاتب صحفي جريء متميز. عين نائباً لمدير تحرير صحيفة الجمهورية. بعدها تفرغ للكتابة الصحفية في أكثر من صحيفة أشهرها "صوت العمال".
عضو في نقابة الصحفيين.

عضو في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.
عضو في المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية ورئيس فرعها في محافظة تعز.

عضو في المنظمة العربية لحقوق الإنسان "القاهرة".
كان واحداً من قادة لجنة الإضراب الشهير بتعز 1991م ومن قياديي المؤتمر الجماهيري بتعز. خاض انتخابات البرلمان "مجلس النواب" في انتخابات 27/ إبريل/ 1993م وفاز عن الدائرة (35) - دائرتي الانتخابية - بمدينة تعز بأغلبية جماهيرية كاسحة.

استقال من مجلس النواب في 28/ 3/ 1995م وسبب استقالته بالفوضى داخل المجلس وعدم المصداقية والتستر على فساد الدولة ... إلخ. عين ملحقاً ثقافياً لليمن في جمهورية بولندا قبل ان يغادر الحياة صباح الأحد 22/ 10/ 1995م وذلك في ظروف غامضة بمحافظة صنعاء. دفن في موكب جنائزي مهيب صباح الإثنين 23/ 10/1995م بمدينة تعز.

كان أكبر إخوانه وترك أربعة أبناء (إشراق، إشواق، دلال، ووائل).
طبع له بعد موته كتاب "الديمقراطية كلمة مرة" وفيه جمع أصدقائه ما استطاعوا أن يجمعوه من أفضل مقالات عبد الحبيب سالم. ويعد الكتاب ثروة كتابية وسياسية وتأريخ هام لمرحلة حرجة من عمر الوطن.




استقالة عبدالحبيب سالم من مجلس النوب 
الاخ رئيس مجلس النواب المحترم
الاخوة اعضاء مجلس النواب المحترمين
السلام عليكم ورحمت الله وبركاته وبعد
انني واحد من الين انتخبهم اليمنيون كممثلون لهم فيما يسمى اعلى سلطة للشعب وهومجلس النواب..وانني افخر بالثقة الي منت اياها في معركة انتخابات ابريل 1993م التي خضتها بعزيمة ان اكون ممثلاًحقيقياً لمواطني الدائرة 35 مدينة تعز..
واذا بي اجد المجلس الذي يمثل المؤسسة الأولى ليس سوى مجلساً رديفا لأجهزة ومؤسسات الاستبداد والأستعباد داخل الدولة..
ولم يكن ضميري يستوعب العبودية والزيف اطول من هذه الاشهر.التي قضيتها ممثلاً زوراًلستة عشر مليون مواطن يمني.
وانني اتمنى من الله ان امنح وقتاً مناسباً لتفصيل الوضع الذي يعيشه مجلس النواب ويبرر كاملاً هذه الستقالة.
والى ذلك الحين اربع اليكم استقالتي حسب نص المادة( 156) من قانون المجلس متخلياًعن كافة امتيازاتي كعضو برلماني ,بين ذلك الراتب الشهري الضخم الذي تقطعه هيئة رئاسة المجلس شهرياً بدون سند قانوني ,وجواز سفر دبلماسي لاتحترمه سوى السفارات الأجنبيةومكاتب شركات الطيران الاجنبيةوالحصانة البرلمانية التي انتهكها الأمن السياسي وينتهكها الجنود في نقاط التفتيش غير الدستوريةوفي المطارات وحتى داخل مجلس النواب مثل غيرى من الأعضاء والمواطنين.
ولعلني حقيقة سافتقد هذه الفوضوية التي تعيشونها وسافتقد المخالفات اليومية للقانون والدستور داخل المجلس ..وحسبي اني تعلمت حلال ستنين ان السلطة الفاسدةوالديمقراطية لاتجتمعان فالسلطة مفسده حقاً..وكدت اعذر رئيس الدولة ونائبه ومستشاريه والوزراء والقادة والمدراء وكل صاحب مركز.. كدت اعذرهم على فسادهم وكدت اعذرهم على الأستماتة للبقاء في مراكزهم , ذلك لانهم مطبوعين بعبودية السلطةوامتيازاتها .
وانا لست زاهداً او متصوفاً بقدر ما انامجازف ساضحي بدخل سنوى يصل الى مليون ريال من مجلس النواب لكني مقابل هذه التضحية احتفظت بشيئ واحد اعتقد ان كثيرين من الأخوة الأعضاء يفكرون فيه بجدية وهواغلى ثمناً, ولو لا التزاماتهم الماليةلما بقوافي هذا المجلس بوضعه الراهن الذي يرعاه بشق الوالد الشيخ عبدالله الحمر والستاذ محمد الخادم الوجيه ويتفننان بادارته بطريقة تعكس وضع الدولة وعقلية السلطة ..واتمنى لكم الصبر,
واني اشعر بالحزن لقلة صبري وطباعي التي تخالف منطق الواقع لقد عقدنا حتى يوم تقديم هذه الأستقالة 368 جلسة قضينا فيها1158 ساعة,واستهلكنا حوالي 579 ساعة فقط في مناقشت محاضر جلساتناوالأحتجاج على هيئة رئاسة البرلمان لمخالفاتها للقانون والدستور..وهذ عبث وسؤ ادارة يكلفنا وشعبناجهداً ومالاً وانا لاتتحمل طباعي التعامل معه بحسن نية واستثمارانني ارجوا ان تسامحوني من كل ازعاج سببته لكم ولديموقراطيتكم والسلام
اخوكم عبد الحبيب سالم مقبل ممثل الدائرة 35 مدينة تعز 1995م
[/
مقتطفات من اجمل مقالاته 

كانت  صحيفة -صوت العمال – المحطة الثانيه للكاتب الصحفي – عبدالحبيب سالم مقبل بعد محطته الاولى - صحيفة الجمهوريه – لأن سقف الحريه  حرية النشر كان مرتفعا في – صحيفة صوت العمال ربما لأنها لا تتبع السلطه بل كانت لسان حال عمال اليمن وقد اكتسبت هذه الصحيفة شهرتها من خلال شهرة عمود يسمى – الديمقراطية كلمة مره – لكاتبه عبد الحبيب سالم مقبل الذي صار اشهر من نار على علم وخلال تلك الفترة شارك -   الشهيد عبدالحبيب سالم –  مع عدد من رفاقه في عقد مؤتمر تعز الجماهيري …. الذي انزعجت من اقامته السلطه وقامت اجهزتها الامنيه حينذاك بمداهمة منزل عبد الحبيب سالم وتفتيشه والعبث بمحتوياته ومصادرة بعض المحتويات حينما كان قد وصل خبر من ان الاجهزة الامنيه تنوي الزج بمن شاركو في هذا المؤتمر في غياهب السجون ومن خلال بعض المعلومات التي تلقاها عبد الحبيب سالم من بعض المقربين من السلطه والذين كانو يبدون تعاطفا مع ما يكتبه غادر تعز المدينه متوجها الى مسقط رأسه في - قرية الزبيره قدس – لكي لا تحدث مواجهات لا تحمد عقباها ولتجنب اتاحة أي فرصة للسلطات الامنيه لكي تجد ذريعة للقبض على اعضاء مؤتمر تعز الذي وصقته السلطات حينها بانه يحرض المواطنين على عصيان مدني  بينما كان في الواقع يدعو الى احترام ادمية الانسان اليمني والعمل على تطبيق الحكم المحلي وانهاء المركزية

والكف عن تكميم الافواه ومصادرة الحريات العامه وانهاء مظاهر الفساد المالي والاداري ولكن السلطات كانت تريد تصفية حسابات مع المعارضين لسياستها الفاسده ولكن بعض ممن لديهم ضمير في الجهاز الامني ومحبة ومساندة للشهيد عبد الحبيب سالم هي من اوحت له بانه مطلوب ومطارد فنجح في الافلات من شرورهم التي ظلت تترصد ه حتى - اراد الله له ان يختاره الى جواره رحمه الله وطيب ثراه فكان لهذه العصابة المجرمه  ما ظلت تخطط له من النيل من كل حر وصاحب ضمير حي وقد ظل موت عبد الحبيب سالم يطرح اكثر من علامة استفهام لموته المفاجيء

وحسبه انه لاقى ربه مرتاح الضمير نقي اليد  لم يخف في الله لومة لائم ويكفي الناس عزاء تلك الجموع الغفيرة التي لم تشهدها جنازة من قبل والتي حضرت لتلقي نظرة الوداع الاخير على – صاحب الكلمة المرة التي ارقت مضاجع الفاسدين والظالمين  وكان موكبا مهيبا يليق برجل احبه الملايين …. سلام عليك ايها الخالد في القلوب - أبـــــــا وائــــــل   – شهيد الكلمة الحره


ي 22 اكتوبر 1995 رحل نجم صحافتنا عبد الحبيب سالم مقبل )
- هذه كلمات كتبتها أثناء الأيام الفاجعة في الأسبوع الاول لرحيل الصديق العزيز ولم ار ان اغير .. فلحظة الصدق لا تعوض.. كان موت عبد الحبيب سالم الصديق العزيز والكاتب المتميز مزلزلا وعظيما في نفسي ولا يزال – و الآ
ن لابد من فتح ملفه في ذكرى رحيله رأيت ان استعيد ما كتبت ونشر كجزء من مقدمة كتبتها لكتابه الهام – الديمقراطية كلمة مرة –
-----------****--------
الآن شعرت بهول الفاجعة ، التفت حولي فأرى كوكبتنا تتناقص ونحن نتساقط واحد بعد الاخر .. ويأتي خريفنا قبل الاوان ..؟
ورحل عبد الحبيب فجأة ليزيد وجعي ويضاعف الالم الذي لاينتهي..
اعترف الان ان موته اشعرني بأن طائر الموت يحلق فوق رأسي وبرغم قناعتي بأن لا شيء يستحق الخوف عليه (وهل هذه حياة يخشى مفارقتها ) الا ان موت عبدالحبيب هزني بعنف ، هزني لأنه صديق التعب الذي لاينتهي وزميل العمر الذي يتبدد على أرصفة القهر والمطاردة ولأنه ألمع نجوم جيلنا التي تبدد عتمة الواقع ، وحادي الركب لحفنة المشاغبين الذين ايقنوا ان القبض على جمر جهنم أهون من القبض على قلم يقول الحقيقة ، ومع ذلك امسكوا هذا القلم (اللغم ) .
******************
لو حكيت عن ما هو مشترك ..لانقضت صفحات طوال قبل ان تنتقضي الحكاية لسنوات من العمر الجميل الذي بقى مطاردا بلعنة الوطن ، لكن مايذهلني في الرحلة القصيرة هذا الاندفاع الذي لازم شخصية عبدالحبيب ، كان أجرأنا ولاجدل في ذلك ، أكثرنا اندفاعا وسرعة وعجلا في المواجهة .. مقداما في كل شيء حتى في موته ورحيله !..
صار زوجا قبل الاوان .. وأبا بشكل مبكر ، وصحفيا لامعا في لحظات الصمت وأشتهر بسنوات قلال .. وقرر ان يكون سياسيا فاختصر الزمن الى سنتين أو ثلاث وصار برلمانيا في انتخاب كاسح .. ثم كان أول من استقال من المجلس المهزلة ثم يرحل هكذا سريعا ضجرا منا ومن الوطن المقبرة
******
برغم اعترافي بأني محاط بإحباط قاتل الا اني بقيت كعادتي أخطط للعمر بنوع من التأني والشعور بفسحة من الزمن وان في العمر متسع.. لكن ما حدث مع عبد الحبيب هز قناعاتي واننا في الوطن المقبرة معرضون للموت فجأة بالسكتة القلبية او القلمية أو الجلطات الغربية .. (وهل نحن احياء حتى نخاف الموت ياعبد الحبيب ) ما أظنني الا مع جثث تتحرك تلوك الحديث عصرا لتقبع مساء تصفق لكل اطلالة للزعماء او فوهات المدافع .. هذا هو الشعب الابي الذي ما انفك الاعلام الرسمي يصفه بالآباء والشمم ورفض الظلم .. ونحن في الحقيقة ( شعب يرحم الله ) !
والوطن بكل جيوشه وقبائله الشجاعة لم يتسع لصوت مشاغب واحد يجهر بالحقيقة مثل عبدالحبيب ، انه وطن لا مكان فيه للموهوبين والأتقياء ولا يطيق صراخ المحتجين ولا يحب الغاضبين من الاولاد انه يريد قطيعا من القوم ألمطأطئي الرؤوس القابعين تحت اقدام الخطيب المفوه يسمعون تقريعه ويندهشون لاتساع عنقه وانتفاخ كرشه ، ولايريد مصلين من الاعراب يقاطعون الخطيب يسالونه عن اكوام ذهبه ورصيده الذي لايحصى وليس فقط ( عن قميصه الجديد) .. ويسألونه : لم يجب ان نتبرع لأفغانستان ومدينتنا لاماء فيها ولا حياة ؟!!
هذا الوطن بكل اتساعه لم يتسع لصوت وقلم مثل عبد الحبيب .
********
ها هو الوطن يكمل على سنوات شبابنا وهو ليس كما حلمنا به ، الوباء يحصد الناس ، وقيل : هو يحصد الزوائد منا فقط . وقال الذي في قلبه مرض : هؤلاء موعدهم الجنة، وفي الجنة (ماء غزير) لا كمدينتكم الجدباء ، ومدننا هي قرى منهكة .. عطشى مظلمة .. ولا طرق حتى للحمير
والناس يا عبد الحبيب من هذا الجيل الذي حاصره التعب .. حين كان الزمن حربا ولدنا وكبرنا مع الحرب التي لاتنتهي والشعارات التي لاتنفذ ، مع الثورة ضد المرتزقة ، مع الجمهورية ضد الملكية ، وبقينا لانعرف طعم النوم خشية ان (ينط الامام ) ويهجم ويحكم البلاد ، ونام الامام واتباعه وبقينا للسهر والحمى نتداعى وحدنا في وطن معمد بالدم .
جيل التعب هذا يخلق الواحد منا فيجر من يديه ، وتخبط القابلة كفية ببعضهما لتعلمه التصفيق منذ الوهلة الاولى ومن تمرد على التصفيق (تقصف يده)
واخترنا التمرد ، وكنت أنت الناطق الرسمي باسم جيلنا الذي يكره التصفيق ويتمرد على القابلة والقائد .. ويتمرد على النوم باكرا والسير في ركب كتاب (والله من وراء القصد )وفرقة المزامير الشعبية المسماة ادبا (بافتتاحيات الصحف الرسمية)..!
لانك رفضت الصمت في مقيل ( النقاشات) وخرجت تصرخ بالناس لم يطقك المخزنون واصحاب الحشوش ولم يستسغ صراخك الذين الفوا الصمت وحمد السلطان على الجوع والقهر لذا بقيت في منطقة المنبوذ الموجهة اليه اصبع الاتهام.
ولم تأبه بهم جميعا وانطلقت قبل الجميع كالشهب تسبقنا كالعادة الى المجد والناس والشهادة !!
الان فقط اعترف لك انه رغم المناكفات التي لا تنتهي بيننا كنت اتمترس بك وعندما تشتد وطأة الخوف وأراني محاصرا برجال يطاردونني في كل لحظة وينظرون الى ساعاتهم وان ألج أي مكان ، كنت اراك تنفض عني غبار الخوف بمقال او صرخة .. ليستمر موكب الشغب لأسير بعدك وانت قائد موكبنا الى الحلم (الذي لايجيء)
واقترنت أجمل سنوات العمر بك غصبا عنا الاثنين ، اتصلت واقتربت وتقاطعت في بعض الاحيان رؤانا وافكارنا ومصائرنا ايضا .
من (طاولة صحيفة الجمهورية مع رفيق دربنا العظيم الآخر مثلك عبد الله سعد ) وأرصفة أخرى (من صوت العمال ) الى لجان الاعتصام والاضراب والمؤتمرات والاحلام العظيمة والى اللذين سرقوا حلمنا وتركوا لنا الهم والاسى (ومرض القلب)!
*****
في موكب العزاء كما في غرف التحقيق دائما يسألونني عنك .. ولا يصدقون انا لانملك غير احلام عظيمة وقلوب الناس (وكل هذا الفقر)
هم يرون كل الحالمين خونة .. وكل من يصرخ مشاغبا عميلا ، وكل من يكتب قصيدة عشق (يدبر مؤامرة)..!
هاأنا أرى و موكب الحشد والجنازة على اكتاف رجال تبكي أرى مالا يراه الاخرون .. وجود الشامتين يسلمون علي وملامحهم تشيء بما في صدورهم (تخلصنا من مشاغب واحد والعقبى للآخرين)
اه ... مات الطاووس المشاغب ، والغضوب الذي لايهدأ .. فماذا أنتم فاعلون ؟!! وأشعر بأني سأنفجر فيهم كقنبلة لاتي عليهم جميعا
*******
لتهنأ الكراسي الان بما التهمت من عمر الوطن ومن وروده البيضاء التي تموت باكرا
** في لحظة الضعف رأيت القهر دمعا على خدي والمقبرة الموحشة تحيط بنا صديقي النائم بشموخ تحت التراب بمدينة العطش وانا المطارد دوما بالاسى .. والوحيد الان !! في لحظة كهذه أسأل نفسي الامارة بالخير : يا هذا المسكين ما يريدون منك بدباباتهم وصواريخهم .. هم يملكون الموت ونحن نريد لهم الحياة .. نريد خبزا وماءا وزهورا لأطفال تقتلهم الطوابير والسيارات الفارهة
نريد لهم وطنا ويريدون للكل مقبرة ..!! ها هي الثورة ياعبد الحبيب التي ضيعتنا صغارا تحملنا دمها كبارا ..!!
******
مع كل ما جرى أنني أعتب عليك أعرف بأنك ترجلت عن حصانك لترتاح لحظة ولكن عبث الاقدار يسرق قلوب العاشقين خلسة ، فتركت الحصان وحيدا !
الان فقط ترحل .. هل تظن بأن زمن الصمت هذا لاينتهي وأنك فارس الكلام الذي لايطيق صمتا .. لهذا رحلت ؟؟
ربما الامر كذلك .. لكن اصدقك القول ثانية .. لست الميت الوحيد .. أنت الشهيد الحي .. ونحن الموتى في الوطن المقبرة
******
عبد الحبيب سالم مقبل.. الحيّ الذي استوسط أمواتاً.. فقال هبو للنجاة؟! فهل أيقض فيهم الحياة؟!..

هذه السلسلة هي مجموعة مقالاته المنشورة في كتاب "الديمقراطية.. كلمة مرة" وهذا العنوان هو عنوان عموده الذي اشتهر به في صحيفة صوت العمّال..

هذه السلسلة كما يقول عنها عز الدين سعيد أحمد متحدثاً عن عبد الحبيب "ليلقي حجراً في مياه سياستنا الراكدة" فهذه الأحجار التي ستحرك مياه سياستنا الراكدة.. وهذه الأحجار التي ستجلي القديم المتجدد والذي تنبأ به عبد الحبيب باستيحاء غريب للمستقبل فحدث ما ظن به عبد الحبيب وما شك فيه..

لقد مثّل عبد الحبيب أجرأ الكتاب السياسين وأكثرهم اعتدالاً في أطروحاتهم بالنسبة للحقائق.. فكانت مقالات عبد الحبيب جميعها موضوعية وبالطبع أجمل بكثير من كتّاب معارضة اليوم، فعبد الحبيب يرتكز على المعلومة والتحليل.. ومقالاته عميقة الطرح لذيذة النتائج "مع طولها النسبي"..

أكاد أجزم بأن عبد الحبيب الذي تخلى عن القاعدة التعزّية "اشهد يا الله وأنت احكم" والذي تمرّد على سياسة الهجعان والسكتة وشيحبسو أبوك.. خرج إلى وجه المدججين ليقارعهم بالحجة والتبيان.. وليقول: لا أهلاً لتعز من سيقول "اشهد يا الله" وإنما أهلها من يقاوم ولو بالكلمة الأخاذة..

وأضيف جزماً آخراً فأقول: إن أكبر خدمة نقدمها لعبد الحبيب.. ليس أن نقول فقط "الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته".. بل أن نحمل رسالته التي وضعها فينا.. وقد بلغ النعيم بنا مبلغه حيث وقعت في يدنا بعض شذرات مما كتب فعلينا أن ننشرها ونستفيد مما فيها ولنقس ما قاله في ذلك العهد على زمننا هذا لنذهل بالحقائق ونبوءة عبد الحبيب المتواترة لحوادثنا المتواترة..
وأقترف الفرصة الآن لأقول: أرجو أن يعذرني الجميع إن تأخرت في سرد حلقات هذه السلسلة فهذا خاضع لظروف عملي.. ومتى ما أجد الفرصة لن أسمح لنفسي بالتأخر..
مع خالص الود،،
أحمد شوقي أحمد


البؤس السياسي عند الحفتاني وعبدالحبيب سالم
الإثنين , 23 نوفمبر 2009 م 
نجيب محمد يابلي
"الأدب الفارسي/ منذ عصر الجامي وحتى أيامنا" لمؤلفه محمد رضا شفيعي كوكني وترجمه د. بسام ربايعة الصادر عن "سلسلة عالم المعرفة" الكويتية (اكتوبر 2009) حمل بين دفتيه وتحديداً في الصفحة (54) بيتين من قصيدة للشاعر الفارسي هلال الحفتاني (من شعراء القرن الخامس عشر) وأورد المؤلف النص الفارسي وترجمته العربية التالية:
لقد ابتليت بدوامة من طوفان
دلوفي
وإذا قدر لي أن أعيش عمر نوح
لن أرى الساحل
يلاحظ أن مأساة الشعوب لا عنوان لها ولا زمان محدد ويلاحظ أننا أمام حالة شعرية عبرت عن الإحباط ووجدت نفسي أمام كتاب "الديمقراطية كلمة مرة" الذي ضم كل كتابات المسكون في قلوبنا عبدالحبيب سالم مقبل ويقع الكتاب في (282) صفحة وقدم له الأستاذ عز الدين سعيد احمد الذي زين مقدمته بعبارة أخاذة " الشهيد الحي والوطن المقبرة".
رحل عبدالحبيب عن دنيانا مبكراً في 22 أكتوبر 1995 وكان رحمه الله في ربيعه الرابع والثلاثين وطرق باب الصحافة مبكراً في مطلع الثمانينيات وتدرج في مجال الوظيفة والكتابة مبكراً وخاض الانتخابات النيابية مبكراً واكتسح صناديق الاقتراع في انتخابات عام 1993 واكتسب عضوية نقابة الصحفيين واتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين والمنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات والمنظمة العربية لحقوق الإنسان.
ضاق صدر السلطة بكتابات عبدالحبيب ولذلك اجترحت قريحته عنوان "الديمقراطية كلمة مرة" لأحد مواضيعه الصحفية في بداية العام 1995 وكذلك كتب العزيز عزالدين سعيد احمد في مقدمة كتاب "الديمقراطية كلمة مرة" مخاطباً الفقيد:"الآن فقط ترحل هل تظن بان زمن الصمت هذا لا ينتهي وأنك فارس للكلام الذي لا يطيق صمتاً.. لهذا رحلت.. ربما الأمر كذلك, لكن أصدقك القول ثانية لست الميت الوحيد.. أنت الشهيد الحي.. ونحن الموتى في الوطن المقبرة".
رحل عن دنيانا هلال الحفتاني في القرن الخامس عشر الميلادي ورحل عنا عبدالحبيب سالم قبل بداية الألفية الثالثة بخمس سنوات وكانا في حالة إحباط بعد أن غسلا يديهما في الواقع المرير, اللذان عانيا منه ونعاني منه الآن وسيعاني منه الناس الذين سيأتون بعدنا حتى يقضي الله امراً كان مفعولا.
تظل قناعة الحفتاني وعبدالحبيب ماثلة أمامنا ولن تغيب عنا ولو توخينا الدقة لقلنا إنها قناعتنا المشتركة التي تترسخ بمرور الوقت بأننا نسير من سيء الى أسوأ ولم يعد احد من اليمنيين وغير اليمنيين يقبل بالمهادنة أو المناورة مع مجريات الأمور, فهذا محمد المقالح الذي اختفى قسرياً عشية عيد الفطر المبارك وها نحن على أبواب عيد الأضحى المبارك ولا يزال الرجل مختطفاً وهذا صلاح السقلدي وفؤاد راشد لا يزالان وراء القضبان وتحت الأرض منذ أشهر وهذه "الأيام" عانت وتعاني من اعتداءات وانتهاكات لحريتها وحرية ناشريها هشام وتمام باشراحيل ولا تزال محتجبة قسرياً وهذه المصدر" وزميلنا جبران يتعرضان للانتهاك الصارخ وهذا زميلنا منير الماوري يمنع من الكتابة ابد الدهر.
هذا المفكر الإسلامي الكبير فهمي هويدي لم يعد يهادن النظام فقال فيه ما قال في فضائية "الجزيرة" وكرر ما قاله آنفاً مع الزميلة "الأهالي" في حوار أجراه معه الزميل ثابت الأحمدي في القاهرة ومن ضمن ما قاله الهويدي:"مشكلة اليمن ليست في الشمال أو في الجنوب, المشكلة في صنعاء, الآن أنت تعود من وضع الدولة الى وضع القبيلة, تم إيقاف مشروع الدولة في اليمن, الآن الأسرة هي التي تحكم في اليمن بعد إلغاء المشاركين.
قال هويدي في رده على سؤال يتعلق بوجود المؤسسات: "دعك من كل هذا, هذا ديكور ديمقراطي, أقم ماشئت من المؤسسات التي تكون شكلاً للديمقراطية, لكن هل هي تؤدي وظائفها؟! الشعب اليمني لا يحكم. الأسرة هي التي تحكم. في اليمن تراجع عن مشروع الدولة والعودة الى مشروع القبيلة."
(الزميلة "الأهالي" 17 نوفمبر 2009)
حقاً, إننا ندور في دائرة البؤس السياسي وبتراكم البؤس ستدور الدائرة على العابثين الذين حاولوا عبثاً إيقاف عجلة التاريخ.
وضوع: شفيقة علي القدسي..إلى روح الفقيد/عبدالحبيب سالم مقبل في ذكرى رحيله   30/10/10, 11:31 pm



إلى روح الفقيد/عبدالحبيب سالم مقبل في ذكرى رحيله
للأستاذة / شفيقة القدسي


يا من حُجِبْتَ عن العُيُون،
« والشمس تّفْقَدُ بالمَغْيبْ»
لكن ضوءك ساطع،
سيظل باقٍ لن يغيبْ......
<<<
لا حَادِياَ للعِيْسِ بعدكْ
يا هَادِياَ قد كُنت - وحدك - دُونها،
قد كنت - وحدك - صوتها،
قد كنت وحدكْ....!!
ولذا اصْطُفِيت إلى الخُلُودْ،
كي لا تُدَنَّس بالصُّعُودْ،
وتظل رمزا للصُّمُودْ....
<<<
نَم ْفي خُلُودِكَ واسْتَرِحْ،
دَعْنَا لِحَرْفِكَ نَسْتَبِحْ....
نُحَرِّفُ المَعَانِيْ،
ونَنْتَقِيْ من أحْرِفِ المَبَانِيْ،
مانَتَّقِيْ – بفضلها –
من سَطْوَةِ الزَّمانِ..!!
لأننا - كما رأيتْ -
في حَضْرَةِ الشْجْعَانِ...!!
فالحرف كان سَيْفاً
والحرف صَارَ زَيْفاً
والحق ظَلّ كَيْفاً
والعدل ظَلَّ حَيْفاً
<<<
نَمْ يا أبَا الكَلِمَاتْ،
نَمْ مُطْمَئِناً يا ابن سالمْ
لا حزن يَطْوِيْنَا لِفِقْدِكَ،
والمآتمُ غَادَرَتْنَا،
والحياةُ ولائِمٌ تَتْلُو ولائِمْ...!!
مادُمْتَ تَرْحل هكذا....
تَحْيَا السَّوائِمُ
– يا أخي –
تَحْيَا السَّوَائِمْ،
هذا الرَّحِيلُ بَشِيْرُنَا،
فالخَير قَادِمْ،
ابْشِرُوا،
فالخير قَادِمْ...!!
<<<
نَمْ أنت يا خير الرِّجالْ،
أَحْياكَ حرْفُكَ في الوَرِيدْ،
في النَّعْشِ قد حَمَلُوا سواكْ،
سار الرِّجال وراء نعشٍ،
يَنْدُبُونَ نُفُوْسَهُمْ،
فُقِدَت ولم تَبْلُغْ مُنَاهَا،
لم يَنْدُبُوك،
لم يَدْفِنُوك،
وإنِّما تلك الرِّجَالْ
– مع الأَسَفْ –
دَفَنَتْ نُهَاهَا....
<<<
إِنْ كُنْتَ تَرْحَل هكذا...!!
فالأرض قد يُعْشَقْ سِوَاهَا،
والشَّمس قد تَتْرُكْ سَمَاهَا،
والخَوْفُ قد يُحْنِيْ الجِبَاهَا
والخلق قد تَفْقَدْ ولاهَا،
فَتَبَاتُ تَجْأَرُ في دُعَاهَا،
كي يحفظ الجَانِيْ الإِلهَ
..


بقلم منير الماوري عن صحيفة الجمهورية 
جمهور عبدالحبيب سالم مقبل 

عندما عرَض عليّ الأستاذ سمير اليوسفي - رئيس مجلس إدارة مؤسسة الجمهورية - كتابة عمود منتظم للصحيفة، لم أتردد في الموافقة، مرحباً بالفكرة، لكني أمضيت سويعات أتأمل في دلالات هذا العرض الكريم، فجال بخاطري عدة نقاط. 
نقطة التأمل الأولى كانت إدراكي أن الكتابة لصحيفة “الجمهورية” تمثل تحدياً كبيراً لشخصي؛ لأني لن أخاطب جمهوراً عادياً بل سأخاطب جمهور الراحل عبدالحبيب سالم مقبل الذي علمتني حروفه وكلماته في صحيفة “الجمهورية” أن الديمقراطية كلمة مُرّة قد يدفع الصحفي حياته ثمناً لها. 
ونقطة ثانية جالت بخاطري، وهي أن مبادرة الأستاذ اليوسفي بدعوتي للكتابة في صحيفة “الجمهورية” تمثل مؤشراً لي بأن التغيير الفعلي نحو الديمقراطية والدولة المدنية الحديثة قد بدأ فعلاً من تعز، ولهذا جاءني العرض من مؤسسة حكومية في عاصمة الحرية، ولم يأتِ من صنعاء عاصمة ثورة التغيير، رغم أني على الصعيد الرسمي لازلت محسوباً على مؤسسة “الثورة” للصحافة في صنعاء كصحفي “فرار” من صحيفة “الثورة” الحكومية منذ أن غادرت اليمن بلا رجعة قبل ما يقارب العشرين عاماً. 
أما نقطة التأمل الثالثة، فهي أني قد أضع القائمين على الصحيفة - بمن فيهم رئيس التحرير - في مواقف محرجة؛ لأني لم أعتد في كتاباتي على فرض رقابة ذاتية على نفسي، حتى من قبيل الالتزام بعلامات الترقيم والإشارة أو الدقة اللغوية، وبالتالي فإن المصححين اللغويين في صحيفة “الجمهورية” لن يواجهوا فقط معضلة تصحيح أخطائي اللغوية اللامحدودة، بل ربما يضاف إلى مهامهم أيضاً تحصين الصحيفة من أية مساءلات ينص عليها قانون الصحافة في اليمن الذي لم ولن أكلف نفسي بقراءته؛ لأني لا أقر بمشروعيته الدستورية أصلاًَ. 
وقد قادتني النقطة الأخيرة إلى التذكر بأني ممنوع من الكتابة بصورة دائمة؛ بموجب حكم قضائي صادر عن محكمة الصحافة في صنعاء، بتهمة التحذير المسبق للشعب اليمني من الدمار الشامل الذي قادتنا إليه السياسات السابقة. 
 ولا أظن أن كسر صحيفة “الجمهورية” لحكم القضاء قائم على توقع مسبق بأن حياة الكاتب ستنتهي عما قريب، وينتهي بذلك أثر الحكم الصادر ضده. 
 كما أني لا أرجح أن تكون صحيفة “الجمهورية” قد تناهى إلى علمها أن القاضي الذي أصدر الحكم المشار إليه قد انتقل إلى رحمة الله، وحتى لو كان الأمر كذلك - وهو ما لا نتمناه للقاضي الجليل - فإن الحكم بالمنع عن الكتابة مدى الحياة لا ينتهي بانتهاء حياة القاضي. 
التفسير المؤكد الذي يمكن استنتاجه بسهولة هو أن الحياة السياسية الماضية قد أوشكت على النهاية، وبالتالي فلم يعد هناك معنى لاستمرار المنع، وهذا هو ما يحسب لرئيس تحرير “الجمهورية”، وليس لرئيس الجمهورية. 
إن الأستاذ اليوسفي بفتحه صفحات “الجمهورية” للممنوعين من الكتابة وغير الممنوعين يحقق بوعي منه على الأرجح حلماً للحبيب الراحل عبدالحبيب، بأن تكون الصحف الحكومية والمؤسسات الإعلامية الممولة من الخزينة العامة ناطقة بلسان العامة، لا أن تظل حكراً على الحكومة، وهذا موضوع آخر قد أعود إليه في تناولة أخرى. 
ملاحظة: 
لم أعرف الشهيد الراحل عبدالحبيب سالم مقبل إلا من خلال كتاباته في أسبوعية “26 سبتمبر” و”الجمهورية” في الثمانينيات وفي “صوت العمال” أثناء الأزمة السياسية اليمنية، لكني قابلته مرة وحيدة برفقة زميله الراحل أيضاً الشهيد عبدالله سعد في صنعاء أواخر 1993، وأجمع ثلاثتنا على أن مشروع اليمن الكبير الذي كنا نظن أنه سيتمخض عن وثيقة العهد والاتفاق، يجب أن يتضمن إبعاد الأحزاب الحاكمة عن المؤسسات الإعلامية الحكومية، وأن تكتفي تلك الأحزاب بمنابرها وصحفها الناطقة باسمها، على أن تتحول الصحف الحكومية والمؤسسات الإعلامية الأخرى إلى ناطقة باسم الممول المباشر لها، وهو الشعب اليمني. 
 وجاء النبأ الصاعق لاحقاً باستشهاد الحبيب الذي أحتفظ بصورة له تلقيتها هدية من الدكتور عبدالعزيز السقاف ضمن أحد أعداد “يمن تايمز” أثناء زيارة الدكتور السقاف لأميركا بعد استشهاد عبدالحبيب. 
 ومن مفارقات الأقدار أن الدكتور السقاف والزميل عبدالله سعد استشهدا لاحقاً في ظروف لا تقل مفارقة عن ظروف استشهاد الراحل عبدالحبيب سالم، ومن المفارقات أيضاً أن شهداء الصحافة اليمنية الثلاثة جميعهم من المحافظة الثائرة تعز.  

عبدالحبيب.. كلامك يحلو والحياة مريرة 
بقلم/
لطفي فؤاد أحمد نعمان
نشر منذ: 7 سنوات و 5 أشهر و 15 يوماً
الأحد 12 نوفمبر-تشرين الثاني 2006 12:00 ص عن صحيفة الجمهورية 
25 / 10 / 2006 م
يا عبدالحبيب:
ما قُدِّر لي أن أراك واقفاً كما قُدِّر لي رؤيتك مغطىً صباح الأحد الموافق 22 أكتوبر 1995م في مستشفى الثورة بصنعاء، ودموع صديقك السفير مصطفى نعمان تنهمر حزناً وأسىً على وحدته بعدك وقد اعتاد قربك.. وأم وائل أعانها الله تعاني حرقة الوداع، ووائل نبعد به عن رؤية جثمانك..
أيها الحبيب، روحك ترفرف وإن رحلت جسداً كما قالت أم وائل في إهدائها الخاص لكتاب "الديمقراطية كلمة مرة".. وهذا مصير العظماء..
ولعله كان أوانك أن تأتي وترحل سريعاً، تقول كلمتك وتمشي قبل أن تخرج خارج البلد ممثلاً له، إرادة الله وحكمته وعلمه بأن تناقضاً كبيراً ستعيشه في داخلك لو فعلت، جعل أمره مفعولاً رحمة بك وبالعالمين.. فالحمد له..
بالكلمة الطيبة عرضت كل خلل وداء.. وبكلماتك الحلوة عن الواقع المرير سجلت شهادة حق على ديمقراطية اليمن الوليد في 22 مايو 1990م وكما قال عزالدين سعيد: هامش الديمقراطية في اليمن من السعة بحيث لا يضيق بصفحات كتبها قلم صحافي متميز أحب الناس فبادلوه حباً بحب..
وحياتك رغم قصرها تطول بإرثك الفكري الوطني ـ لا الطائفي- الذي حافظ عليه في كتاب "الديمقراطية كلمة مرة" أصدقاؤك «طاهر علي سيف، محمد علي المطاع، علي المقري وعارف الدوش» الأوفياء حقاً وصدقاً وما نسوك أو تنكروا..
يا عبدالحبيب:
اغفر لي إن اجتزأت من كلماتك الحلوة عن الحياة المريرة وقد يفسر الاجتزاء بعض المفسرين مجاملةً لطرف على حساب طرف آخر، والحق إنها رغبة في إحياء ذكراك بكلماتك التي عكست مرارة الواقع ـ لا الديمقراطية كما قلت ـ بتجرد وموضوعية لا يعرفها ولا يطيقها ولا يقبلها المتطرفون في كل اتجاه..
رحمك الله وغفر لنا ولمن نسيك وأخطأ في حقك.. وإلى كلماتك:
- مع أن التحلل من الوعود الديمقراطية تجد دائماً مبرراتها في الوطن العربي.. تفاؤل المواطن العربي رغم ذلك يتجدد كل يوم ولا حياة دون أمل.
- اليمنيون طائفة واحدة في وجه الفساد والعبث، وهم من منطقة واحدة أمام من يريد أن يخلق من اليمن يوغسلافيا أو لبناناً جديداً..
- في الظاهر، يبدو أن مشاكل اليمنيين ومعاناتهم محلولة لولا وجود بعض الصحف التي «تستغل» الديمقراطية، وبعض الذين يقال بأنهم يثيرون الرأي العام، ويخلقون أعداءً للسلطة في الداخل والخارج..
- أسوأ ما في الأحزاب اليمنية افتقارها الشديد للنماذج التي تشكل القدوة، ولا يكفي أي حزب أن يوجد فيه عدد محدود من الحزبيين الذين يمتلكون النضج السياسي الوطني، فالنماذج التي يتعامل معها المواطنون يومياً تبعث كثير منها على التشاؤم وتقرر أن الأحزاب تمر بمرحلة الطفولة أو المراهقة.
- حوار العقل مطلوب، والنقد الصحافي لا يعني موقفاً عدائياً ضد هذا الحزب أو ذاك، على الأحزاب أن تعيد الاعتبار لنفسها، ومزيد من العمل وقليل من التظاهرات الصوتية ينفع الأحزاب في دنياهم..
- الآمال في بلادنا لن تنقطع رغم الإحباطات التي يحاول فرضها البعض من الذين تعودوا العيش في الظلام.. وهمومنا ومتاعبنا التي تكبر كل يوم، هي تعبير صحي عن حالة نضج واع، ولو كنا صمتنا.... لكنا قد عدنا إلى نقطة الصفر وتضاعفت الهموم والمشاكل..
- علينا أن نتخيل حجم النكسة التي كانت ستصيب بلادنا لو لم توجد الصحافة الحزبية والأهلية..
- إننا اخترنا الطريق الصعب، المليء بالأشواك والأحجار التي تعيق كل من يجري فوقها بسرعة.. لكنه طريق الحرية، والوحدة، الذي يتوجب علينا فيه أن ندفع ثمناً..
- ينبغي أن تتحالف كل قوى الشعب وأحزابه ومنظماته، وليكن الانتماء لليمن فوق الانتماء للأحزاب، وفوق المصالح والخلافات، قبل أن نعود جميعاً إلى نقطة الصفر نوزع المنشورات، ونعقد اجتماعات سرية، ونتآمر للقيام بانقلابات دموية لتدخل بلادنا في حرب أهلية، أو تعيش تحت ديكتاتورية لا مخرج منها إلا بثورة وتضحيات كبيرة.
- الحقيقة أننا نظلم أنفسنا بسوء الظن هذا، حيث لم يعد فينا مخلص، ولا نزيه، وزادت الأعباء التي نعانيها تفرض علينا أن نفسر كل شيء بطريقة «التفسير التآمري».
- عجلة الحياة والتغيير قد دارت، ولا يستطيع أحد أن يعيد اليمنيين إلى الخلف، إلى أيام الإرهاب والاعتقالات بعد منتصف الليل، ومع ذلك ما زال هناك من يفكر بفجور وكفر بالحياة بأنه بمقدوره وقف عجلة التاريخ عن الدوران.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق